السبت، 30 يوليو 2011

الحياة توزع علينا نفسها بطريقة غير عادلة!!

دخلت عليه في الثامنة صباحا موعد الافطار، صديقي كان قد أخبرني عنه وعن حالته، طرقت الباب واستأذنته ، صباح الخير يا عم، قال لي هلا ساامي، كأننا نعرف بعض منذ زمن، ابصر علامات الاستغراب على وجهي وغرق في الضحك، مريضي الجديد في الاربعينات من عمره تعرض لجلطة بترت قدماه على اثرها ويحمل دعامة في قلبه، وطول يومه يقضيه على كرسيه المتحرك بعد أن اساعده في النزول عليه، يطلب مني دائما أن اقرب كرسيه منه وهو من يقوم بنفسه ليجلس عليه، كل صباح أجئ اليه واقدم له فطوره واساعده على النزول لكرسيه،لينطلق في فضاء المستشفى، حدثني عن أسرته وعن أخوه القاطن في مصحة الامل النفسيه واخيه الاخر الذي يدرس في امريكا وثالثهم في المنطقة الشرقية يعمل في السلك العسكري هناك لا غرو انه ليش متزوج، جلس في المستشفى ما يفوق السنة في مجموعه، كل العاملين بالمستشفى يعرفونه، وان اردت ان تجد مكانا فما عليك الا ان تسأله لم يترك بابا الا ومر من عنده ، كنت فضوليا لأستمع اليه ، ليس طبيعيا أن تقطن في المستشفى أو في حالته أن تعيش ، أمر الخروج قد وقعه طبيبه ، ولكن لعدم توفر مكان يذهب اليه وانه ليس هناك من أحد يستقبله فهو عاجز في مصطلحاتنا لا يستطيع أن يتدبر أمره، عندما اجلس معه لا اشعر انه غريب اشعر اني انا الغريب ، الحياة توزع علينا نفسها بطريقة غير عادلة، ايام الثورات كنت اهرع الى غرفته ونهتف مع ميدان التحرير ونتداول حديثنا في شؤوننا الداخلية، عرفت أن ابن عمه احد المعارضين السعوديين المعروفين في لندن، نظارته يضعها في درجه ويتفقدها كل ليلة قبل ان ينام ليقرأ ورده اليومي من مصحفه ، يشترك في اكثر من قناة اخبارية في جواله، لم يفقد معنى الحياة، كان يحدثني عن ما سيفعله حال خروجه المتعثر بسبب بيروقراطية مؤسساتنا المحترمة، فهو ينتظر خطاب من دار العجزة يقبل حالته، ولان يذهب هذا الخطاب يلزم ان يطبع من قبل طبيبه ثم يذهب لوزير الصحة الذي قد زاره واخذ صورة معه كان يفتخر صديقي بها !!!، ليوقعها من ثم تذهب الى دار العجزة في رحلة مكوكية اطول من رحلة مركبة ابولو التي ذهبت ووصلت للقمر وعادت الى الارض في ظرف اربع ايام، ورحلة اوراقه مضى عليها اكثر من ثلاثة شهور،أحببته وأحبني أخذت رقمه قبل أن انتقل الى قسم آخر،

جرح اصبعي جرحا دام لأكثر من 6 شهور بسبب انه في مقدمة قدمي، بعد الحاح أمي وانتهازا فرصة العلاج المجاني قررت لي عملية جراحية صغرى للتفاهم مع اظفري الذي نما فوق الجلد ، الاظفر ايضا يقوم بروتينه، قررت أن اذهب وحيدا ، لن أخذ معي احد ، لن استطيع ان امشي بسهولة نعم، كنت اريد أن اجرب حالة كثير من مرضانا من ليس له احد ، يأتي لوحده ويذهب لوحده، بعد انتهاء العملية أخبرني طبيبي بلزوم ان لا امشي على رجلي حتى لا ينزف الجرح قال لي اخبر صديقك ان يأتي لك بعرية كذبت عليه وقلت له انه ان صديقي ينتظرني، ضمدوا لي جرحي واستعديت للخروج، حملت جزمتي في كيس كبير لم أجد غيره في الغرفة ومشيت ، لم استطع الخطو كثيرا وركنت الى غرفة الاستراحة، حرصت أن لا اشحن جوالي كي لا اتصل على احد انتظرت لمدة نصف ساعة بلا فائدة، مر علي مرضى كنت قد عملت معهم في القسم ، والقوا التحية علي، لم استطع الانتظار اكثر، قررت ان اذهب لبهو المستشفى علني اجد احد الاصحاب ، وانا امشي ارى الناس في ممرات المستشفى ، قلت لنفسي لو اني رأيت مثل حالتي سأشعر بالشفقة عليه وأعرض عليه المساعدة ، لكن لم يفعل ذلك احد، لما اقبلت رأيت احد الاصحاب يخرج من المصلى ، سامي ايش فيك؟ وانا اشرح له القصة، شعرت بدوار واظلم كل شئ ، (رحت بيدها) وبدأ العرق يتصبب، جلست على الكرسي واتتني النوبة مرة اخرى (بسبب النزيف قلت نسبة السكر لدي) اسعفني صديقي بعصير وانتعشت ، استعرت منه جواله لأتصل بأحد الاصدقاء ليلحق بي، الشاهد لما ذهب صاحبي ، وكان صديقي المريض يقوم بجولته حول المستشفى ما ان رآني الا وأتى واصبح المسؤول عني، ذهب بكرسيه واحضر لي ماء وعصير وبقي معي حتى اتاني صاحبي، كان يؤنسني ويحدثني عن أخر المستجدات على موضوع نقله ، وعلى ان الورقة تعثرت بسبب نقص في التقرير الذي من المستشفى، تمنيت له التوفيق، وشكرته وقلت له نراك الاسبوع القادم واتمنى أن لا أراك، اتيت بعد اسبوعين وكان قد غادر، أمر دائما من عند غرفته واتذكر صلعته فهو مثلي أصلع، وآسى على كثيرين مثله ، :(

الحياة ليست عادلة ، عيشنا سيكون أنانيا ان لم نخفف من الام هؤلاء البشر وان نسعى لفهم كنه معاناتهم ، ,وبترها ،،


لماذا يموت الناس الطيبون؟؟

دخل في الساعة الخامسة عصرا، كنت انا من استقبل حالته، ، ابو محمد عمره52 سنة، يعاني من ورم في منطقة الفك، قالوا له انه ورم سرطاني ، فحولوه الى مستشفانا ليساهم بانقاذ حياته، ليعود لعائلته، وابنه احمد الذي تخرج للتو من معهد صحي ويبحث عن وظيفه، اما ابنه الكبير محمد فهو مدرس في مدرسة اهلية لم يسمحوا له أن يكون مرافقا لأبيه، فرافقه أخوه القريب من عمره،

كانت هذه اول شفت عمل لي معه، في الصباح، كان له موعد مع اخصائيي السمع ليختبروا مدى سمعه ، فعمليته تمر من خلال خلايا عصبية قد تؤثر على سمعه، في طريقنا سألني ابو محمد ، كم يستمر هذا الفحص سامي؟ ، لم أكن أعرف بالتحديد،سنٍسأ ل المختص يا ابو محمد اذا وصلنا، استغرق الفحص ما يقارب من الساعة، في طريق العودة، بدأ يحكي لي عن ابنه احمد وعن الصعوبة في الحصول على الوظيفة، هي شكوى مستمرة !! نسمعها، استمرت الفحوصات على ابو محمد ، اسبوعين تقريبا ، لتحضيره للعملية وهي استئصال الورم، ذهب اخوه ووصل أحمد ليرافق والده، احمد شاب جميل هادئ كوالده، يملك ابتسامة آسرة، ولقد ضيفني بفنجان قهوة وهو جالس مع أبيه يتصفحون الجرائد، ولكن الجرائد لا تحكي عنهم، فهي لا تحكي عن الناس !!، ومن فترة الى فترة يأتي خال أحمد ليطمئن على زوج اخته، لم أرى أحد من بناته أو زوجته في زيارة له، لم أسأل ممكن انهم غير موجودين او متوفين ؟ ، والسبب قد يكون لآننا في بلد الفصل القسري،بسبب ايام عملي لم أكن حاضرا بالمستشفى على الدوام، نهاية الاسبوع لا اعمل فيها، كان قد اخذ رقم جوالي ، لأساعده بالسماح لابنه محمد المدرس بالدخول عليه، فوقته ضيق، في يوم الاربعا حددوا وقت عمليته ، لم أكن أعمل في ذاك اليوم، لما عدت وسألت عنه، اخبروني أنه نقل للعناية المركزة بعد العملية، وان الجراح الاستشاري!!! لما فشل بازالة الورم ، أخاط مكان الجراحة ، وعقد الامور أكثر وأكثر، فقطر الورم كان صغير الان اتسع وتضخم، لما دخلت على ابو محمد حاولت جاهدا ان لا اذرف دموعي، فلقد تغير ، الانابيب متصله في جسده، لم يعد يستطيع الكلام بسبب الانبوب الموصل في قصبته الهوائية، لا يستطيع ان يأكل بسبب الانبوب الموصل في انفه (تغذيه عن طريق انبوب يصل للمعده مباشرة)، لن يستطيع أن يتذوق الطعام ويمضغه بأسنانه التي أمر الاستشاري بخلعها تحضيرا للعملية، يديه ترتعش لما سلمت عليه، ولكن بصره كان يعمل ، لمست الابتسامه في عينيه، لما خرجت بكيت على حظه وعلى حظ هؤلاء البشر، وطبيبه يستمتع بكوب القهوة الساخن كل صباح !!! ، حددوا له عملية أخرى ليصلحوا ما أفسد العطار، ولكن العطار هو من يقوم بالاصلاح مرة أخرى ، فهو الاستشاري الكبير، فشلت العملية مرة أخرى، ووقعوا العطار وأصحابه على ورقة بعدم تقديم الانعاش الرئوي ان أصابته نوبة قلبية، انهم ببساطة قضوا عليه وتآمرت معهم الحياة لأن يكملوا خطتهم، رأيته لآخر مرة وهم ينقلونه من غرقة الاشعه، كنت افكر عند منطقة المصاعد "، لما لمسني لينبهني بيده، لم أستطع أن أنظر بعينيه ، كنت قد انتقلت الى قسم آخر، ولكنني لم أكف عن زيارته، في يوم اربعاء ومع بزوغ الفجر ، سافر أبو محمد ، سفرة بلا عودة ، رحل وترك ابنه محمد ترك بناه واحفاده ترك ابنه احمد الذي لم يأبه لكلام العطارين وحاول أن ينعش قلبه ولكنه لم يستطع فلقد دفع العطارين مبلغا ثمينا للحياة لأن تكمل خطتهم ،

الحلقة الاولى

قصة الحياة نتعرف عليها في كل لحظة من أيامنا ، مسراتها وأحزانها وبؤسها وسعدها، تتجلى لنا في ضحكة طفل صغير عندما تعطيه والدته الحلوى المفضلة لديه، وتحرقنا أسى لما نرى أن ذاك الطفل مقعد ووالدته ترسله لعيادة المعاقين أسبوعيا ليتلقى علاجه، كنت في هذه السنة طالب امتياز 2010 اكتوبر ابتدأت رحلتي ، يوميات البؤس أراها أمام عيني سيما أنا في المكان الذي يحوم حوله ملك الموت ليلتقط أرواح البائسين، الموت ضيف مستمر ، كما ان الحياة تولد في هذا المكان لتؤكد لنا الحياة مفارقتا من مفارقاتها ، كنت قد كتبت ورقة صغيرة حين ابتدأت نيتي في تسجيل يومياتي، اعمل ممرض علاقتي يوميا مع المرضى ولكني اخترت لنفسي مهنة أخرى، وهي تسجيل يومياتي في هذا المكان، قصص الناس وهل يعمر الحياة الا هم، كثير منهم نسيهم الزمن وأصبحوا ضيوفا بعضهم يخرج ثم يعود وبعضهم يدخل و لا يخرج الا محمولا على اكتاف من تبقى ليتلوا عليه صلاة الرحمة ، ومن يبقى فهو يبقى لينتظر يومه المشؤوم، قصص العاملين في هذا المكان، تحركاتهم وبعضا من قصصهم، هذه الاحداث هي في احدى مستشفيات المملكة وقعت بين اكتوبر 2010 وهي في طريقها لنهايتها، سأكتب ما تعلق في ذهني وذهن الزمن ، فالزمن يتحدث لمن يريد أن يستمع له ، يتحدث بأن يعيد نفس ما تقترفه يداه على ضحايا جدد ، اتوا وفي ذهنهم ان الزمن يملك قلبا رحيما لكنه لا يحمل ذاك ولن يفطنوا لذلك الا بعد أن يروا ذلك الزمن ينتزع منهم كل ذكرى جميلة وكل نية جميلة فكروا ان يعيشوها يوما ليقول لهم ولمن بعدهم انا الحاكم هنا ، كلكم ستأتون يوما ما نحوي ، قبل أن تأتوا افعلوا ما تشاؤون ليجعلهم في حيرة ، ما الذي يقصده بافعلوا ما تشاؤون??!!، ليرافقهم هذا السؤال طول يومياتهم وذاك الزمن يملك جوابا مختلفا لكل منهم ولكنه يشترك بأنه سيكون الجواب الذي لن يكون خلفه أي سؤال ، سأكتب عن ذولك الضيوف الدائمين ، عمن رحل ، وعمن ينتظر الرحيل ، وعمن صفح عنه الزمن بعد وعده بزيارة قريبة، عمن يسيرون ويملأون المكان ، انتظروني .....

قراءتان في العلمانية الدينية

لم يكن عبدالكريم سروش،1945) الا احد المبشرين بثورة عقلانية خلال الثلاثين سنة الفائتة ، سروش الذي درس في ( قم ) عاصمة الثقافة في ايران ، ودرس دكتوراه الفلسفة من جامعة ايران وكان من المقربين من امام الثورة الامام الخميني ، ونصبه ليكون مسؤولا عن مشروع لأسلمة المعرفة كجزء من ايديلوجيتهم التي تحكم باسم الدين وتسعى أن تأسلم المجتمع باستنادها على فقه وفهم بشري ، وهو ما يعارضه سروش ونأى بنفسه عن هذا الجو ليستقر في جامعة جورج واشنطن وهو الان استاذ زائر في عديد من الجامعات الاوروبية والامريكية وصنف من اكثر 100 شخصية مؤثرة سنة 2009 م ،يكمن مشروع سروش بالاتكاء على قيم الحداثة واخضاع كل شئ تحت مجهر العقل فمن مقالاته في أحد كتبه العقل والحرية ، يرفع من مكانة العقل ويدعو لفعل التعقل في كل شئ دون خوف من الخطل والخطأ ، فالعقل يصحح بعقل آخر مثله وكل ما زاد فعل التعقل في مجتمع ولدت العقلانية لتلفه وتنير له الدرب في مسارات الحياة بعيدا عن الاتكاء على نصوص خرجت من فهم بشري ( التأويل) تحتمل الخطأ في جوانبها،

سروش والتدخل الحقيقي للدين

لا كما العلمانيات العنيفة في تعاملها مع الاديان والتدين ، سروش يقرر حرية التدين في المجتمع ، و لا يملك الا السماح بذلك فالتدين جزء من حياة البشر وهو يعطي معنى للحياة لكثير منهم ، يكمن اختلاف سروش مع التدخل الشرعي للدين في الدولة ، بحيث يقدم هذا الفهم البشري للفقه على أنه كلام الله ، ويحاكم الناس مؤمنهم وكافرهم بضوء هذا الفهم ، وتقطع الرقاب وتبتر الايدي، سروش يرى بضرورة تجاوز هذا الفهم ويدعو برسائل بينه وبين رفقائه السابقين ويناصحهم بالبعد عن الدولة التي يحكمها

الثيوقراط، ويؤسس لفكر دولة مدنية تكون الفضيلة جزء اساسي يلفها وهوية تكون أجزاء شعبها بمختلف دياناتهم وأعراقهم ،

( حقيقة الأمر هي أنهم عندما يتحدثون عن الدولة الدينية في ايران اليوم، فإنهم يقصدون الدولة القائمة على الفقه، والتي لا يمكن خطها بطريقة أخرى ، وانا عندما أتحدث عن الدولة التي تتجاوز الدين فهي الدولة التي تتجاوز الفقه ، الحرية للدين وليست الحرية من الدين )

فهو يرى في الدولة الدينية بأن الاحكام تصور على انها كلام الله الذي اراده ان يقام على البشر مما يخلق حالة تشوه هذا الكلام المرتفع وتنزيله على فهم من فهوم البشر ... ليس هناك مشكلة في التدخل الحقيقي للدين ، من حيث حركة التدين في المجتمع ، لكن يقف هذا التدخل عندما يتعلق الامر بالتشريع فالتشريع يقام على اساس مدني حيث العقل وقيم الحداثة ( التي هي نتاج مما دعا اليه الانبياء في مسيرتهم ) المسيرة لهذه الدولة العلمانية ، مما يخلق بيئة صحية لتعددية دينية لها كامل حقوقها المدنية ،

الاستغناء عن الانبياء ، علاقة المعلم والطالب

في استقراء سروش لتاريخ البشرية ، يرى أنها مرت بمراحل ، كل مرحلة هي بداية

جديدة تستغني عن المرحلة السابقة لها، فالتدين ما قبل الحداثة يختلف عن التدين ما بعد الحداثة ، يطرح مسألة الاستغناء عن الانبياء بعد نجاحهم في بث معاني الفضيلة والحرية والعدالة ، كعلاقة المعلم مع الطالب ، فالمعلم يعلم تلميذه ليصبح متعلما مستغنيا عنه في المستقبل فلن يعد هذا الطالب على كرسي الدراسة للابد ، التعليم وجد لتدريس الطلاب ليصبحوا هم معلمين في المستقبل ، كذلك الانبياء بثوا معانيهم للناس وهم يريدون لهذه العلاقة أن تتلاشى ويصبح البشر مستغنيين مكتفين بذواتهم على ضوء التعاليم التي تلقوها في مرحلة اتصالهم مع انبيائهم،

سأنتقل الآن الى معالجة ضيفي الدكتور مصطفى ملكيان(1955 ) القادم من نفس الفضاء الايراني ، هو ايضا تتلمذ في قم وهو درس الفلسفة في جامعة طهران وهو الان استاذ الفلسفة وفلسفة الدين في نفس الجامعة ، قبل أن يعرض الدكتور رأية يطرح فكرة عن أنواع المعتقدات سيما وان الدين يعتبر معتقد ،

1 المعتقد الأنفسي subjective

وهي معتقدات غير ممكنة التقييم والفحص لا منطقيا و لا معرفيا ، ومرد عدم قابليتها للاختبار الى كونها معتقدات تختص بالذوق والسليقة والاستحسان

.. 2 المعتقد الافاقي objective

هي معتقد لا يتحدث عن حالتي الشخصية، و لا تصف حالتي النفسية أو ميولي الذوقية، بل تخبر بشئ عن الواقع الموضوعي، والمعتقدات الافاقية التي تتحدث عن العالم الخارجي تنقسم الى قسمين

، معتقدات آفاقية يستطيع الانسان بالقوة أن يتأكد بصدقها من كذبها، لكنه بالفعل وفي الحال الحاضر ، لا يقدر على فحص كذبها من صدقها، فمثلا لو قلنا باحاطة الاوكسجين لكوكب من الكواكب في احدى المجرات البعيدة، لما كان هذا حكما انفسيا ، لم اتحدث به عن ذوقي واستحساني، بل أخبرت عن شئ آفاقي، بيد أن العلوم لم تتطور لتصل الى درجة اليقين من ذلك ، فهذه معتقدات غير قابلة بالاختبار بالفعل ، انما تقبل الاختبار بالقوة، ولنطلق عليها : معتقدات آفاقية غير مختبرة .. وهذا القسم مع تطور العلوم سيكون قابل للاختبار والفحص ...

القسم الثاني ، هي معتقدات آفاقية قابلة للاختبار، معتقدات آفاقية مختبرة ، كقولنا أن هذا النوع من الفطريات سام ...فهي يمكن قياسها وفحصها ووالتأكد من صدقها من كذبها ..يرى الدكتور مصطفى ان الامور التي تخضع لتصويت المجتمع هي ما تكون تحت تصنيف الامور الانفسية والافاقية غير المختبرة، صوت الناس هو وحده يكون الفاصل ويشدد على وجود حس عدالي داخل هذا المجتمع ليحمي من ظلم الاقليات ، اما الامور الافاقية وهي التي بالامكان فحصها ومعرفة مدى نجاعتها وضررها فلا تعرض للتصويت، هل سنصوت حول وزن هذا القدح الذي سيكون أساس قراراتنا في الحياة هل هو خمسون غرام ام اكثر او اقل ؟ونأخذ بصوت الاكثرية ، هذا غير مقبول لان وزن القدح معروف ويمكن قياسه،ا ، انطلاقا مما سبق تكون الحكومة الدينية التي تريد تسيير حياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على نص ديني ، يرد سؤال هل ستتلائم هذه الحكومة مع ما أسلفناه سابقا ام لا ؟ لو أردنا تسويغ الحكومة الدينية لوجدنا انه لو كانت العلوم والمعارف الدينية هي من الامور الافاقية المختبرة لوجب تنفيذ الدولة الدينية شاء الناس أم أبوا لأن القضية ستكون كقضية المادة المسببة للسرطان، اما ان كانت من الامور اانفسية والافاقية غير المختبرة فهي تحتاج لتصويت الجماهير مع علم الجماهير بأن هذه التعاليم أحقيتها من بطلانها أمر غير معلوم ، لكننا جميعا أو أكثريتنا ، نريد أن تقوم الحكومة على أساسها ، و لا بد أن تقوم حكومة دينية، يتسائل الدكتور مصطفى ، الى أي مدى تكون المعتقدات الانفسية والافاقة غير المختبرة يحق لها التأثير بالحياة العامة ؟

ويقترح الدكتور أنه يتسنى للدولة أن تقام على أسس علمانية اذا استقامت ثلاث شروط : 1

1يرى كل أفراد المجتمع أو أكثريتهم أن

التعاليم الدينية غير ممكنة الاختبار بالفعل .

2

يرون أن هذه التعاليم رغم عدم قابليتها للاختبار الا انهم يريدونها تمثل قاعدة اتخاذ القرارات

.3 ان تكون هذه التعاليم التي يطمع الناس أن تكون قاعدة القرارات في حياتهم المجتمعية بنفس التفسير الذي يحمله الناس لها ويريدونه/ لا ان تعرض عليهم صورة ظاهرية التعاليم ، فيقبلونها ويستحسنونها، وعند التطبيق العملي تظهر بصورة أخرى ،

يعد هذه المعالجتين لهذا الموضوع الشائك ، أورد نقطة اضافيه ، لما يخاطب الله الانسان فهو يخاطبه كفرد ويتلو عليه الكلم وقد قرر له حقوقا لفردانيته ، له الحق في أن يقبل وأن لا يقبل ، عندما تقوم احدى الجماعات لاقامة دولة دينية ترتكز على تعاليمها وهي هنا القرآن والسنة كما يقولون، تكمن اشكالية أن القرآن نفسه هو يحقق للفرد حريته في قبول الانخراط تحت هذه التعاليم ، فتطبيقهم على هذا الفرد هذه الاحكام يعارض ما ورد في تحقيق حرية هذا الفرد ،

لا أمل في أن تجعل الناس سعداء من خلال السياسة.توماس كارليل

بالنهاية ، ليس من مهام الدولة أن تقول لنا من هو الله ..