السبت، 3 سبتمبر 2011

الله في مواجهة المتدين المتعصب!!

اجمع الديناميت واقصد الإله المزيف وفجره، انه لا اله إلا الله .. كان هذا الحادي لجماعة طالبان الجهادية عندما قصدوا وادي باميان في مارس 2001 .. وافرغوا ما معهم من قنابل وديناميت ليقضوا على أثر من آثار العالم.. بل انه رمز لأكثر من مليار وخمسمائة مليون بوذي .. وظل شامخا منذ القرن السادس الميلادي .. يفوق عمر طالبان بمئات السنين.. لكن المتدين المتعصب لا يرى أحقية لوجود غيره .. لا يرى إلا السحق والتدمير وتطهير الارض نصرة لالهه ...

لم يتفاعل البوذيين مع الخبر .. لم يخربوا لما يفجروا.. لم يردوا بعنف!!!

في هذه المقالة سأجمع قصة المتدين المتعصب.. يهوديا كان أم نصرانيا أو مسلما.... أسميتها ( الله في مواجهة المتدين المتعصب ) ...

سأمحور حديثي حول ثلاث نقاط ، أرى أن المتدين المتعصب استخدمها ليقوم بعنفه،،

1 القداسة:

المتدين المتعصب، احتكر الكلام اللاهوتي باسمه، وأصبح هو المتحدث الشرعي باسم الله، وأحاط أقواله بقداسة يكون التشكيك بصحتها من الهرطقة أو الزندقة ..

فعند المسيحيين أعمل العنف تجاه من شكك بالقانون العقدي الذي أقر بأن

( يسوع المسيح ابن الله الوحيد،المولود من الأب قبل الدهور،نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للأب في الجوهر، الذي به كان كل شئ، الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل فلاحنا نزل من السماء،وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنّس، وصُلب عنا على عهد بيلاطس البُنطي،وتألم،ودفن،وقام في اليوم الثالث) ،

بعد هذا القانون العقدي أصبح الله الغائب نائبا عنه المسيح، وغدى أي تشكيك بإلوهيته . هرطقة ذاق صاحبها الويلات. وقامت لجنة كنسية إمبراطورية مهمتها التفتيش عن، وإعدام الأناجيل الكثيرة الأخرى واعتمدت الأناجيل الاربعه، متى، لوقا، مرقس،يوحنا.

فمن الابيونية .. التي كانت جماعة يهودية الأصل وأمنت بالمسيح على أنه هو الماشيح المخلص المنتظر، فهو محض نبي كالأنبياء كان مولده ميلادا طبيعيا من دون أي معجزات بتولية ..

أسقف أنطاكية بولس السمياطي الذي كان يقول لا أدري ما الكلمة وما الروح القدس .. عزل من منصبه ونفي بعيدا عن بلدته وعد كلامه من الهرطوقيات الخطيرة ..

والقائمة تطول .. ولكنها تشير دائما إلى نفس النتيجة وهي عنف المتدين مع الأفكار الجديدة.. التي بنى عليها قداسة وجعلها منطقة محرمة لا يسمح النقاش أو التفكير بها حتى يضمن بها دوام المصلحة التي استفادها منها، بدونها لن يبقى لكنائسه وأبهته بقاء ..

وأيضا هناك ملاحظة أن كثير ممن عدتهم الكنيسة مهرطقين ، كانوا هم المشتغلين بالعلوم. فلأنهم من الأرض، ومن الأرض يتكلمون، ولأنهم يجهلون الآتي من فوق، فقد تركوا كتابات الله المقدسة، ليتفرغوا لعلم الهندسة وعلم الجغرافيا ومنهم من اشتغل على كتب أرسطو ( الوثني) ...

وأيضا في تاريخنا الإسلامي حورب القائلين بخلاف ماقال به الأمويون من أنهم قدر الله، الواجب تقبله، والتعبد بالانصياع والخضوع لسلطانه،

منهم معبد الجهني .. الذي قال بالقدرية ( نفي القدر) ليعارض بذلك ما يقوله الأمويون من أنهم قدر الله الذي لا يجوز تغييره!!! ( السياسي دائما سيستخدم الدين) . وقد قاتل الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان الحجاج يعذب معبدا شتى أصناف العذاب، و لا يجزع، ثم قتله...

غيلان الدمشقي.. كان يقول بنفي القدر. وتقرير الحرية الإنسانية ، وعارض بذلك المذهب الرسمي للأمويين، فأخذه هشام بن عبدا لملك، وقتله أبشع قتله، والرواية لابن عساكر، فقال له مد يدك، فمدها غيلان، فضربها الخليفة بالسيف فقطعها، ثم قال له، مد رجلك، فقطعها بالسيف الباتر، وبعد أيام مر رجل أمام غيلان في بيته والذباب يقع على يده، فقال الرجل يا غيلان ساخرا، هذه قضاء وقدر، فقال له: كذبت ما هذه قضاء وقدر، فلما سمع الخليفة بذلك، اخذ وصلب على باب دمشق.

الجعد بن درهم .. كان ينكر الصفات لله، بتكليمه موسى واتخاذه إبراهيم خليلا، فهو ينفي التجسيد والتشبيه، من ذلك انبثق المذهب القائل بأن القرآن مخلوق، فهو ليس كلام الله، أي أنه بعبارة معاصرة, تاريخي.. وقد قتل قتلة بشعة، ففي نهار عيد الأضحى، حمل مقيدا بأغلاله ووضع تحت المنبر وقال الأمير خالد القسري، خطبته ( ارجعوا فضحوا، تقبل الله منكم، فاني مضح بالجعد بن درهم) فنزل واستل سكينا وذبح الجعد، تحت المنبر، وسط المصلين، والناس ينظرون..

الجهم بن صفوان ... من أخطر المتكلمين فلقد وصم بشئ واحد على اختلاف الرواة . وصمه الذهبي بأنه أس الضلالة ورأس الجهمية . وأخرجه ابن تيمية في فتواه الشهيرة من الإسلام . وابعد فرقته من الفرق الناجية، لكونه كان ينفي الصفات عن الله، ويعطلها ويقول بخلق القرآن.. وهو ما أخذه المعتزلة من بعده بقولهم إن الله وصفاته هي عين ذاته، فصفاته هي هو.. وقد قتله الأمير سلم بن أحواز بأصبهان، مع إن الجهم كان معه عهد أمان من الأمير ابن القاتل!، ولما ذكر له الجهم ذلك، رد عليه سلم بقوله، ما كان ينبغي له أن يفعل، ولو فعل ما أمنتك، ولو ملأت هذه الملاءة كواكب ( دنانير) وأبرأك إلي عيسى ابن مريم، ما نجوت، والله لو كنت في بطني، لشققت بطني حتى أقتلك ..

2 تشيئ الله :

الله هو مفهوم روحي فوق مادي، ليس بشئ هو كما قال عنه المعتزلة ذات واحده وصفاته، هي هو. في أسفار التوراة وعند المسيحيين أصبح الله شيئا، فلقد تصور على شكل آدمي:

في الصراع الذي حدث بين الرب ويعقوب ( إسرائيل) اللحظة التي تشكل الرب فيها على شكل إنسان وظل يتصارع هو ويعقوب طيلة الليل، حتى اقترب الفجر، واستطاع يعقوب أن يجثم فوقه، وينزع منه الاعتراف بنبوته، تقول التوراة في سفر التكوين!!:

( وقال أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال( يعقوب) لا أطلقك إن لم تباركني،. فقال له: ما اسمك ؟فقال: يعقوب. فقال: لا يدعى اسمك من بعد يعقوب، بل إسرائيل. لأنك جاهدت مع الله والناس. وقدرت. وسأل يعقوب: أخبرني باسمك، فقال : لماذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك) .

وأصبح الإنسان نائبا عن الله واستخدم الإبادة باسمه، فلقد أوردت التوراة،

ما وعدهم به الرب بعد ما أبلى بهم أهل بابل، وعذبوهم،

( إني نحو نصف الليل أخرج في وسط مصر،فيموت كل بكر في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه، إلى بكر الجارية التي خلف الرحى،وكل بكر بهيمة، ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر، لم يكن مثله ولا يكون مثله) سفر الخروج

وما قام به المسيحيين من تأليه المسيح، والإنابة عنه، وإبادة المخالفين.. وقتلهم للعلماء .. فمنظر العالمة هيباتيا لا يزال عالقا في ذهني، عندما أحاط المسيحيين بمركزها العلمي في الإسكندرية، واخذوا يجرونها في الشوارع والدماء تنزف منها، في منظر يصور المتدين في أبشع صوره، حينما يعتقد أنه صوت الله للبشر،

وأيضا ما كان يقول به عمرو بن العاص قبل فتح مصر، والله لئن ملكتها .. لأجعلنها مثل بيت الزانية، أي بيت خرب.. وأمعن في مدينتهم، حتى كلم في ذلك، وهدم أسوارها ( ابن عبدا لحكم: فتوح مصر)

3 : تمسح الديني بالسياسي والعكس:

يعي المتدين المتعصب بأن خطابه روحي ما ورائي، لا يقوم إلا بقوة السلطان، إن الله ينزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، فيسعى لأن يصنع لنفسه قوة سياسية كما كانت عليه الحال في أوروبا في القرون الوسطى، وحال المسلمين، بتمسح السياسي بالدين، واستخدامه لمفاهيم دينية في صالحه كما رأينا ما فعله الأمويون من قصة قدر الله الذي لا يتغير، واستخدام المتدينين لمباركة عملية القتل ضد المخالف، واعتبار افكاره زندقة، كما حدث أيضا مع أبو منصور الحلاج ..

وهو ما ينطلق منه دعاة العلمانية، والنظام المدني، إن يكون السياسي بعيدا عن المتدين، ويستمد شرعيته من الإنسان، بغض النظر عن دينه وعرقه، ويسعى لتحقيق العدالة التي من أجلها قامت السماء،

أما الله فلقد ظلم وشئ وجُسّد وارتكبت الجرائم باسمه، الله ليس ماديا، هو يتغلغل في روحك، هو ندائك الباقي للعدالة وللخير،

إنني أحلم بوعي، أحلم بعالم ترتفع فيه المفرقات الدينية، عالم لا يفرق فيه جنس عن جنس، ولا يعادى الفن باسم الدين، ولا تهضم حقوق المرأة باسم الدين، أحلم بعالم يكون المتدين وغير المتدين أمام دولة القانون سواء بسواء.

سنعني يوما ما فرحا وطربا بهذا اليوم يا رفاق..

..

على بعد 8 ايام من الذكرى العاشرة للثلاثاء الأسود.

سامي عبدالله

2-9- 2011