يعد التفكير من العوامل الرئيسية في حياتنا ،كيف يفكر الانسان ليصنع ... ليعيش .... لينتج .... ليعمر ، كل الاعمال تبدأ بالتفكير ، فهل لهذا التفكير من خصائص معينة وهل له من أخطاء .... يطل علينا الدكتور عبدالكريم بكار ليشرح لنا في كتابه النفيس ( خطوة نحو التفكير القويم ) من سلسلة تنمية الشخصية ثلاثون ملمحا في أخطاء التفكير وعيوبه ..... سأحاول أن أضع هذه الثلاثون ملمحا على شكل نقاط سريعة ولكنها لن تغني عن قراءة الكتاب ...... نبدأ باسم الله ....
يشبه الدكتور عمليات التفكير التي نقوم بها يوميا ببيئة الرحلة المكونة من السيارة والطعام والشراب والخيام والملابس وادوات الدفاع عن النفس ، وان المعلومات التي في حوزتنا تجاه القضية التي نفكر فيها هي خرائط تلك الرحلة ، والحل الذي نريد الوصول اليه هو الوصول الى تلك البلدة في رحلتنا الموهومة ... اذا وصلنا لتلك البلدة فهو بمثابة وصولنا للحل أما ان أخطأنا في الوصول فهو بمثابة هلاكنا في ذاك الطريق .... اذن لماذا نخطئ ؟؟؟؟
1 هناك احتمال في أن ادوات الرحلة غير كافية .....
2 قد يعود اخفاق الطريق أن تكون الخرائط التي في حوزتنا قديمة جدا أو أنها غير دقيقة ....
3 قد يمارس بعض أعضاء الفريق ضغوط تحرف الرحلة عن قناعاتها ... هذا بمثابة الاهواء والعواطف التي قد تحرف تفكيرنا ....
4 قد يعترض فريق الرحلة ضغوط خارجية .... فقد تمارس علينا ضغوط خارجية من جهات متنفذة او خضوعنا لبعض العادات والتقاليد ...
العقل البشري عقل محدود ... أي أنه غير قادر على الخوض في مسائل لا تتوفر له عنها معلومات جيدة .... فهو لا يستطيع أن يصل الى الغاية من الخلق ... كما لا يستطيع أن يسن تشريعات تشمل جميع الناس دون أن يقع في حيف لبعضهم ، وهو حين تزوده معلومات خاطئة سيخرج لك نتائج خاطئة .... العقل ابدع بانتاجه كثير من الصناعات التي ساعدت البشرية ولكنه أفرز تلوث للبيئة وجعل الآلة مسيطرة على النسان ....وهذا يعني أن الاعتماد على العقل في تصحيح مسار البشرية بعيدا عن القيم والمبادئ الموجودة في التدين الصحيح ، مجاف للصواب .... وهو أيضا لن يستطيع اخبارك بالمستقبل وما موجود في الغيب ولكنه يستطيع استقراء الوقائع .... العقل البشري لا يملك أي عتاد حقيقي يمنعه من التورط في صناعة الخرافات وقبولها .... فإذا قلنا أنه يقع على الكرة الأرضية في الدقيقة مئة مليون حدث فما تسنى لعقلنا رؤية عشر او عشرين منها ، والباقي يقع بعيدا عن أنظارنا .... ونحن المسلمين نعتقد بوجود عالمين غير محسوسين عالم الجن وعالم الملائكة ... فكثير من االاحداث الغريبة الخارقة ... يعزو عقلنا مسببها الى هذين العالمين .... العقل يصدق الأشياء ما دامت أنها تقع في دائرة المعقول لديه ... فإذا قلنا بأن شخصا ما حمل عشرة قناطير على ظهره نقول هذا غير معقول .... تكمن المشكلة أن من يحدد المعقول وغير المعقول هو الثقافة والخبرة ..... وهكذا فقد ظلم العقل مرتين .... مرة من المشعوذين والسحرة الذين ألغوا العقل وركنوا الى خرافاتهم ... ومرة من الذين سلموا العقل كل شئ وطلبوا منه اشياء لا يقوى عليها وحرموه من أنوار الوحي والهداية .....
قلة الدراسات والبيئة الأمية أفرزت الميل الى التعميم في القضايا وشريعة يا أبيض يا أسود ....
العقل لا يستطيع افراز حكم خال من التحيز 100 % لانه ببساطة يرى الأشياء حسب النظارات التي يلبسها ... فالثقافة والخبرة والعقيدة لها دور في اخراج أحكام العقل .... هذه النظرة المتوازنة تمكننا من اتقاء الوقوع في الانحياز الكامل ... وان نتسامح مع المخالفين في أمور هي من قبيل الاجتهاد أو الخصوصيات الثقافية ....
- 5 الخلط بين النظام المفتوح والنظام المغلق :
يميل العقل البشري الى الاعتقاد بالصواب المطلق ... إذ أن ادراك المطلق أسهل من ادراك الجزئي ... أي جهد يبذل في الحياة يخضع لأحد هذين النظامين : نظام مغلق أو نظام مفتوح ... ففي النظام المغلق يكون التأثر بالعوامل الخارجية مقفل والارتباط بين أعضائه قوي بحيث لا يمكن كسره ...كنظم الرياضيات والكيمياء ... 3+3=6 ...أما النظام المفتوح فهو مسموح للاخرين التدخل في شؤونه والتأثير على مخرجاته كما يحصل في الأمور التجارية والتربوية ... فالاخرين لهم دور بالمخرجات .... معرفتك بأي نظام تعمل مهمة ... وعدم معرفتك تضعك في حرج ....
- 6 اللجوء الى الحل الوسط :
عند العجز عن الوصول الى الحل يميل معظم الناس الى الحل الوسط ظنا منهم بأنه المناسب عن الأخذ بالاراء المتطرفة .... ولكن الحل الوسط ليس دائما هو الحل الصحيح فقد يتم عرض ثلاثة آراء وهي كلها خاطئة ..... قد يكون الحق الصريح في أحد الطرفين فيكون الميل الى الوسط خطأ سلوكيا ومن الناحية الشرعية لا يكون ثمة لجوء الى حل وسط بين حلال صريح وحرام صريح الا في حالات الضرورة المعتبرة شرعا أو تحت الاكراه .... يمكن في حالة اللجوء للحل الوسط أن تقودنا اما الى أخذ أفضل ما في الطرفين أو أسوأ ما فيهما ....
- 7 الاهتمام بالصغير المباشر :
قتل محمد الدرة أثار العالم وافاض قريحة الشعراء .... ولكن الالاف يموتون من سوء التغذية ولا يثير ذلك أحد ....علينا توسيع المساحات التي يغطيها وعينا وشعورنا .... فنبصر الاخطار على حقب زمنية متطاولة .....
كما أشرنا أن العقل لا يمكنه تصور الأشياء لوحده فهو لا يستطيع أن يخرج لك بفهم صحيح للواقع دقيق لأنه يخرج لك أحكاما زودته اياه حواسه، الواقع متغير زئبقي وكذلك سبره يختلف من شخص لآخر فلو سألت عشر أشخاص عن درجة الالتزام في مدينة معينة لجاءتك عشرة اجابات مختلفة .... فعلينا بأن نعترف بقصور أدواتنا التي تصور الواقع وطبيعة العالم المتغير..... وفي النهاية إن أخرجنا تقرير لواقعنا لا يمكن أن يكون كاملا انما مناهز للكمال وقريب منه .... واذا لم نفعل ذلك فان توصيفنا للواقع لا نصوره بمقدار ما نصور جهلنا وغرورنا وقلة صبرنا في التعامل مع الاشياء الدقيقة .....
الأشخاص الأقل ثقافة تجد مفرداتهم تتمحور حول العامل الوحيد ... السبب الوحيد ... أما الاشخاص الأكثر ثقافة يشرحون لك لماذا يعتقدون هذا هو السبب الوحيد .... عدم وجود منافس لذلك المتوحد في ثقافتنا يجعل كثير من الناس لا تهتدي الى البدائل التي تتاح لأهل الثراء الفكري ... شهرة الارتباط بين شئ وشئ تدفعنا لاهمال الاشياء الأخرى فمن يريد أن ينجح عليه بالمذاكرة الجادة لا يوجد سبب للنجاح غير ذلك ... الكسل الذهني عامل مهم في عدم العثور على منافس لما نعتقد بتوحده ....
- 10 ضعف حساسية العقل نحو النسبية :
عندما يترك العقل لعمله البدهي يدرك الأشياء على أنها معزولة منفردة ، ولا يراها على أنها تشكل أجزاء من منظومة كبيرة ، العلاقة بين الأشياء والأفكار علاقة متجردة وذلك التدرج يشكل صلة قربى بينها ، وهذا يمكننا من أن نرى ما يربطنا بمن يخالفنا الرأي ، عوضا عن أن نرى ما يبعدنا عنه .... ويعني أيضا أن نقوم انجازات الآخرين وعطاءاتهم لا على نحو معزول ، ولكن في اطار ظروفهم وامكاناتهم وفي الحديث الذي أخرجه النسائي ( سبق درهم مئة ألف درهم ) فالصدقة بالدرهم أعظم في الدلالة على سخاء النفس من مئة ألف تصدق بها من يملك أضعافها .......